مشروع خطة إنقاذ. هل أنتم مستعدون للحركة الصعودية الجديدة للسوق؟

مشروع خطة إنقاذ. هل أنتم مستعدون للحركة الصعودية الجديدة للسوق؟

أعلنت ثلاثة بنوك أمريكية إفلاسها خلال عطلة نهاية الأسبوع: سيلفر جايت، سيليكون فالي، سيغنتشر، ومن المحتمل أن نسمع المزيد من الاسماء في الأيام المقبلة.

12 مارس, 2023
طلال الطبّاع
طلال الطبّاع
الكاتب

 "صحيفة ذا تايمز في ٣ يناير ٢٠٠٩ ~ وزير الخزانة البريطانية يستعد لإقرار حزمة الإنقاذ المالية الثانية للبنوك" - كتلة التكوين "جينيسيس"

نحن الآن على شفا أزمة مصرفية أخرى من المرجح أن يتم حلها من خلال تقليل قيمة العملة أكثر، وطباعة المزيد من النقود. حيث أعلنت ثلاثة بنوك أمريكية إفلاسها خلال عطلة نهاية الأسبوع: سيلفر جايت، سيليكون فالي، سيغنتشر، ومن المحتمل أن نسمع المزيد من الاسماء في الأيام المقبلة. هذه بالطبع أخبار مؤسفة، لكنها لا تدعوا للاستغراب. لاسيما وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي وقع حالياً في حيرة بين خيارين أحلاهما مر؛ فإذا لم يدعموا الودائع، فربما يؤدي هذا إلى انتكاسة تعيد قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة لسنوات إلى الوراء بسبب تأثر عدد من شركات التكنولوجيا. فأعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي للتو أنه تدخل "لدعم ودائع العملاء"، لكنهم لن يسمونها "حزمة إنقاذ" هذه المرة. هذه هي النتيجة الحتمية للتدخل المستمر في السوق. على عكس الاعتقاد الشائع، فإن النظام المالي الحالي ليس سوقاً حراً، بل سوق تدخلي بامتياز.

١

التدخل في السوق

أصبح هذا التدخل واضحاً ظل في الأزمة المالية الكبرى لعام ٢٠٠٨؛ عندما كانت البنوك تعتبر أكبر من أن تفشل، وتدخل الاحتياطي الفيدرالي لطرح أضخم تدابير التيسير الكمي في التاريخ (حتى الآن). بعد ١٢ عاماً، تضاءل التيسير الكمي خلال جائحة كورونا مقارنة بالأزمة المالية الكبرى لعام ٢٠٠٨. فزاد الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة المعروض النقدي خمسة أضعاف (من حوالي ٤ تريليون إلى ٢٠ تريليون دولار) وأبقى أسعار الفائدة قريبة من الصفر. لعلكم تتساءلون ماذا نتج عن ذلك؟ الإجابة هي ارتفاع الأصول لأعلى سعر لها على الإطلاق، متبوعاً بتضخم مؤشر أسعار المستهلكين لأعلى نسبة منذ ٤٠ عاماً، ترافق مع دخول النقود الجديدة في النظام المالي. لمحاولة السيطرة على التضخم، شرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في إقرار أسرع رفع لأسعار الفائدة في التاريخ، من صفر إلى ٤.٧٥٪ في أقل من عام واحد. فبدلاً من السماح للأسواق الحرة بتحديد الأسعار، تدخلت هيئة من المسؤولين غير المنتخبين (الاحتياطي الفيدرالي) ورفعتها.

لم يسبق في التاريخ أن يتم رفع أسعار الفائدة في بيئة عالية الديون. ومن هنا بدأ يدق ناقوس الخطر، وفي نهاية الأسبوع الماضي، حدث المتوقع.

فشل شيء ما

في الواقع، فشلت عدة أشياء. أولاً، سيلفرجايت، ثم بنك سيليكون فالي، ثم بنك سيغيتشر.

تتسارع أحداث القصة بسرعة كبيرة، لذلك دعونا نتعمق في إحداها. كان انهيار سيليكون فالي ثاني أكبر فشل مصرفي في تاريخ الولايات المتحدة. في عام ٢٠٢١، شهد البنك زيادة كبيرة في الودائع، حيث قفزت من ٦١.٧٦ مليار دولار في نهاية عام ٢٠١٩ إلى ١٨٩.٢٠ مليار دولار في نهاية عام ٢٠٢٢. مع نمو الودائع، احتاج البنك إلى تحقيق عائد على هذا التدفق لرأس المال، لذلك قاموا بشراء ٨٠ مليار دولار في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري بهذه الإيداعات. كانت غالبية هذه الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري (٩٧٪ منها) تصل مدتها ١٠ سنوات، بمتوسط عائد يبلغ ١.٥٦٪. ومع ذلك، عندما رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في عام ٢٠٢٢ واستمر في ذلك حتى عام ٢٠٢٣، تراجعت قيمة الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري الخاصة بالبنك. وذلك لأن المستثمرين يمكنهم الآن شراء سندات طويلة الأجل "خالية من المخاطر" من بنك الاحتياطي الفيدرالي بعائد أعلى ٢.٥ مرة. بالتالي أصبح البنك يعاني بسبب تفاوت آجال الاستحقاق. عندما كشف البنك أنه باع ٢١ مليار دولار لأوراقها المالية المتاحة للبيع بخسارة ١.٨ مليار دولار، أدى ذلك إلى هلع مصرفي، وفي غضون أقل من ٤٨ ساعة، تم إغلاق البنك من قبل المنظمين، واستلمت شركة تأمين الودائع الفيدرالية زمام الأمور.

أعمال محفوفة بالمخاطر، أم مخاطر نظامية؟

يطول الحديث في هذا الموضوع، لكني أريد التركيز على هذا: السبب الرئيسي لفشل بنك سيليكون فالي كان قرار استثمار ودائع العملاء في سندات الخزانة. كان من المتعارف عليه لعقود من الزمان أن سندات الخزانة الأمريكية من المفترض أن تكون "خالية من المخاطر". في الواق ، لا شيء يخلو من المخاطر. في الواقع، بموجب لوائح مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية، يتم تأمين الودائع فقط حتى ٢٥٠,٠٠٠ دولار لكل مودع! وبالطبع ٩٧٪ من الودائع في بنك سيليكون فالي كانت أعلى من ٢٥٠,٠٠٠ دولار، لذلك فهي من الناحية الفنية ليست مؤمنة من قبل مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية. على الأقل، هذا ما كان ينص عليه القانون قبل نهاية هذا الأسبوع. في اجتماع طارئ عُقد مساء الأحد، أعلن المنظمون أنهم سيغطون جميع ودائع العملاء، على ما يبدو يرفعون مبلغ التأمين من ٢٥٠,٠٠٠ دولار إلى ما لا نهاية. إذا لم يتم إنقاذ البنك، فسيكون ذلك بمثابة كارثة لقطاع شركات التقنيات الناشئة في الولايات المتحدة حيث تشير التقديرات إلى أن ٥٠٪ من جميع رأس المال الاستثماري والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا كانت مع بنك سيليكون فالي.

٢

حقيقة لا يمكن إنكارها: جميع البنوك مفلسة من الناحية الفنية. وهذه حقيقة يختار معظم الناس تجاهلها؛ حيث تعمل البنوك على أساس الاحتياطي الجزئي. بمعنى أنهم مطالبون فقط بالاحتفاظ بما يتراوح بين ٨٪ و١٥٪ من الودائع فقط، ويتم إقراض الباقي أو إعادة ربطه بأدوات استثمار أخرى (مثل الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري). من الناحية الفنية، إذا قرر المودعون في أي بنك سحب أموالهم في نفس الوقت، فلا يمكنهم ذلك. إنها مسألة ثقة. قد تسأل، لماذا لا تستطيع البنوك الاحتفاظ بالودائع الموجودة لديها ودعم ودائع العملاء بنسبة ١:١. إجابة السؤال هي أن البنوك ليست مضطرة لفعل ذلك بموجب لوائح الاحتياطي الجزئي، يمكن أن يسمى ذلك بـ "عدم كفاءة رأس المال".

٣

إذا بدأت البنوك في الانهيار لأن السندات "الخالية من المخاطر" تم تسليعها للسوق بدلاً من الاحتفاظ بها القيمة الدفترية، فهذا ليس بسبب أن استثمارات الرهن العقاري  تعتبر محفوفة بالمخاطر مثل عام ٢٠٠٨. بل السبب هو أن هناك مخاطرة نظامية في القطاع المالي؛ والتي يمكن أن تطال وتؤثر على جميع البنوك التجارية. كما تتفاقم هذه مشكلة إذا قام العملاء بسحب مبالغ كبيرة من المال، مما يجبر البنوك على بيع أوراقهم المالية بخسارة قبل الاستحقاق بدلاً من المبلغ الكامل عند استحقاقها.

إذا اشتريت سنداً لمدة ١٠ سنوات مقابل ١,٠٠,٠٠٠ دولار ودفعت نسبة ١٪ ثابتة سنوياً، فيمكنك استرداد مبلغ ١,٠٠,٠٠٠ دولار بالكامل في نهاية الـ ١٠ سنوات. إذا رفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة إلى ٣٪، فستصبح قيمة السند أقل بكثير من الـ ١,٠٠,٠٠٠ دولار التي دفعتها. إذا لم تكن بحاجة إلى المال الآن، فهذه ليست مشكلة لأنك تحصل على ١,٠٠,٠٠٠ دولار أمريكي بالكامل عند الاستحقاق. ما حدث مع سيليكون فالي والبنوك الأخرى هو أنهم اضطروا لبيع تلك الأوراق المالية بخسارة لأنهم اضطروا إلى الإيفاء بعمليات سحب العملاء.

لتلخيص ما جرى، لقد حرض الاحتياطي الفيدرالي على هذه الأزمة بإغراق الاقتصاد برأس مال رخيص، ثم سحب كل تلك السيولة بأسرع معدل في التاريخ.

٥

ثقة مهزوزة

كل ثلاثة أشهر، ينشر بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعات الأسعار. في ديسمبر ٢٠٢٠، كان متوسط تقديرهم لعام ٢٠٢٣ هو ٠.١٪. لكنها في الواقع تبلغ ٤.٧٥٪ اليوم أي أعلى بأكثر من ٤٧ مرة! لذا فإن أي بنك (على سبيل المثال سيليكون فالي) اشترى سندات طويلة الأجل وفقاً لتوقعات ديسمبر ٢٠٢٠ تم تدميره لأنه وضع ثقته فيما أعلنه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام ٢٠٢٠.

يذهلني إيمان العديد من المصرفيين والعاملين في مجال التمويل بالأسواق الحرة، ولكن مع ذلك، يعتقدون بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يحدد أسعار الفائدة (على الرغم من فشله في التنبؤ بها بشكل صحيح لعقود).

نظام السوق الحر البديل - العملات الرقمية أنموذجاً

"المشكلة الجذرية في العملات النقدية التقليدية هي الثقة المطلوبة لإنجاحها. يجب الوثوق بأن البنك المركزي لن يقوم بتخفيض قيمة العملة، لكن تاريخ العملات النقدية حافل بانتهاكات لتلك الثقة.يجب الوثوق في البنوك للاحتفاظ بأموالنا وتحويلها إلكترونياً، لكنها تقرض أموالنا لتمويل فقاعات الائتمان مع الاحتفاظ بجزء ضئيل من الاحتياطيات". - ساتوشي ناكاموتو

تم إنشاء البيتكوين في عام ٢٠٠٩ كرد فعل للأزمة المالية لعام ٢٠٠٨. عندما نبدأ في رؤية المزيد والمزيد من عيوب النظام المالي التقليدي الذي عفا عليه الزمن، ستبدأ الشركات والأفراد في إدراك أهمية وجود شبكة مالية عامة لا تحتاج الثقة وغير مركزية وآمنة تحكمها التعليمات البرمجية وليس البشر الانفعاليين.

عند ظهور أولى البوادر التي تنذر بوجود مشكلة، تدخل بنك الاحتياطي الفيدرالي بخطة إنقاذ أخرى للبنوك، لكن هذه المرة يطلق عليه اسم "الدعم الوقائي"، حيث يضمنون ودائع العملاء، ولكن ليس حاملي الأسهم أو السندات. وهذا يعني المزيد من طباعة النقود والمزيد من تخفيض قيمة العملة.

لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين كيف سيبدو مستقبل التمويل، لكن النموذج الحالي ليس مستداماً لأنه لم يتم إنشاؤه لعالمنا رقمي. لن يحدث التحول إلى العملات الرقمية فجأة، لكنه أمر لا مفر منه.

شارك المقال عبر:
مدونة المؤسسين

استثمر اليوم في مستقبل المال مع كوين مينا

مقالات ذات صلة