تطور المشهد التنظيمي في قطاع العملات الرقمية

تطور المشهد التنظيمي في قطاع العملات الرقمية

خلال الأسواق الهابطة، تصُّب الصحافة جُّل تركيزها على العملات الرقمية بما لا يتناسب مع حجم قطاعها الصغير نسبياً مقارنة بالأسواق المالية.

18 سبتمبر, 2022
دينا سمعان
دينا سمعان
الكاتب

خلال الأسواق الهابطة، تصُّب الصحافة جُّل تركيزها على العملات الرقمية بما لا يتناسب مع حجم قطاعها الصغير نسبياً مقارنة بالأسواق المالية. وللأسف، غالباً ما تطغى اللهجة السلبية على هذه التغطية الإعلامية التي تُركّز فقط على أسعار العملات الرقمية مشعلةً نيران الشك في نفوس المتابعين. ومع ذلك، رغم كل هذا التَشاؤم الإعلامي فإن هناك الكثير من التطورات الواعدة التي تحدث خلف الكواليس، لا سيما على الصعيد التنظيمي.

حالياً، بلغت القيمة السوقية للعملات الرقمية ١ تريليون دولار؛ فهو ليس قطاعاً ضخمة مقارنة بأسواق الأسهم أو السندات، إلا أنه لا يزال قطاعاً كبيراً بما يكفي لجذب انتباه المُشرّعين والجهات التنظيمية وصانعي القرارات. وبعد العديد من حالات إفلاس شركات العملات الرقمية رفيعة المستوى، تقوم الهيئات التنظيمية عبر العديد من الدول بتكثيف الجهود لتقديم المزيد من التشريعات لحماية المستثمرين.

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، هناك منافسة بين الهيئات التنظيمية حول من يجب أن يُنظم العملات الرقمية. كما أقر رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، غاري جينسلر، علناً بوجود فروقات حيث أن العملات الرقمية ليست جميعها متشابهة. فهو مثلاً يعتبر عملة البيتكوين سلعة ويجب أن تخضع لتنظيم لجنة تداول السلع الآجلة. في حين أنه يعتبر العملات الرقمية الأخرى بمثابة أوراق مالية ويجب أن تخضع لاختصاص هيئة الأوراق المالية والبورصات التي يترأسها. وفي وقت ليس ببعيد، ضاعفت هيئة الأوراق المالية والبورصات تقريباً عدد موظفي أحد الأقسام الذي يركز على العملات الرقمية.

كما أقرت سنغافورة، موطن صندوق تحوط العملات الرقمية "ثري آروز" المفلس حالياً، بوجود بعض الثغرات في الإطار التنظيمي الحالي؛ حيث بدأت سلطة النقد في البلاد في اتخاذ تدابير لتعزيز اللوائح التنظيمية الحالية لمعالجة مشاكل السيولة والسحب التي يواجهها البعض في مجال العملات الرقمية.

أما في وطننا العربي، أشارت المملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، مؤخراً إلى نيتها تنظيم العملات الرقمية. حيث عيّن البنك المركزي السعودي محسن الزهراني لقيادة استراتيجية العملات الرقمية وبرنامج العملة الرقمية الوطنية التابع للبنك المركزي. وفقاً لتقرير بلومبرج، سيعمل الزهراني تحت إدارة وإشراف نائب محافظ البنك المركزي السعودي للتطوير والتكنولوجيا، زياد اليوسف، مباشرةً. يعد هذا تحولاً جذرياً عن موقف المملكة في عام ٢٠١٨ عندما حظرت الرياض البنوك من معالجة معاملات العملات الرقمية.

في وقت سابق من هذا العام، أعلنت الإمارات العربية المتحدة إصدار القانون رقم (٤) لعام ٢٠٢٢ لتنظيم الأصول الافتراضية في إمارة دبي وإنشاء سُلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضيّة. ومن الجدير ذكره أن اختصاص سُلطة دبي يشمل تطوير السياسات وإجراءات للتنسيق مع مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وهيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع. وكان الهدف من هذا للقانون الشامل هو ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز إقليمي وعالمي للعملات الرقمية ولاستقطاب أفضل الشركات في العالم للانتقال إلى الدولة.

كل هذه التطورات المتفائلة بمستقبل العملات الرقمية تؤكد للأسواق أن قطاع الكريبتو وجد ليبقى ويتوسع. أنا شخصياً متحمسة وسعيدة بشكل خاص للتطورات التنظيمية الأخيرة في السعودية والإمارات، لاسيما وأنها إلى جانب الجهود التنظيمية في بلدنا البحرين الحبيبة، من شأنها أن تجعل الوطن العربي مركزاً عالمياً للعملات الرقمية.

شارك المقال عبر:
مدونة المؤسسين

استثمر اليوم في مستقبل المال مع كوين مينا

مقالات ذات صلة